قوله عز وجل: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً} قال ابن عباس نزلت في اليهود آمنوا بموسى ثم كفروا بعبادتهم العجل ثم بعد ذلك كفروا بعيسى والإنجيل ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وقيل إنهم آمنوا بموسى ثم كفروا بعده ثم آمنوا بداود ثم كفروا بعيسى ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم، وقيل نزلت في المنافقين وذلك أنهم آمنوا ثم كفروا بعد الإيمان ثم آمنوا يعني بألسنتهم وهو إظهارهم الإيمان لتجري عليهم أحكام المؤمنين ثم ازدادوا كفراً يعني بموتهم على الكفر. وقيل بذنوب أحدثوها في الكفر وقيل هم قوم آمنوا ثم ارتدوا إلى الكفر ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً يعني بموتهم عليه. وذلك لأن من تكرر منه الإيمان بعد الكفر والكفر بعد الإيمان مرات كثيرة يدل على أنه لا وقع للإيمان في قلبه، ومن كان كذلك لا يكون مؤمناً بالله إيماناً صحيحاً وازديادهم الكفر هو استهزاؤهم وتلاعبهم بالإيمان ومثل هذا المتلاعب بالدين هل تقبل توبته أم لا؟ حكي عن علي ابن أبي طالب أنه قال لا تقبل توبته بل يقتل وذهب أهل العلم إلى أن توبته مقبولة. وقوله تعالى: {لم يكن الله ليغفر لهم} يعني ما أقاموا على الكفر وماتوا عليه وذلك لأن الله تعالى أخبر أنه يغفر الكفر إذا تاب منه بقوله قل للذين كفروا إن ينتهوا يعني عن الكفر يغفر لهم ما قد سلف يعني من كفرهم {ولا ليهديهم سبيلاً} يعني طريق هدى وقيل لا يجعلهم بكفرهم مهتدين. قوله تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذاباً أليماً} يعني أخبرهم يا محمد وأنما وضع بشر مكان أخبر تهكماً بهم وقيل البشارة كل خبر تتغير به بشرة الوجه ساراً كان ذلك الخبر أو غير سار وقيل معناه اجعل موضع بشارتك لهم العذاب لأن العرب يقول تحيتك الضرب أي هذا بدل من تحيتك قال الشاعر:وخيل قد دلفت لها بخيل *** تحية بينهم ضرب وجيع